بقلم سعيد جودة
شارك
11
"المردقوش" نبات عشبي معمر عطري، موطنه حوض البحر الأبيض المتوسط، وبخاصة المناطق المعتدلة المناخ والدافئة، ذات التربة الخفيفة الغنية بالمواد العضوية. ويكاد لا يخلو بيت في القرى والبلدات العربية من امتلاك نبتة منه، ويستخدم منها الأوراق والأزهار.
وقد عرف المصريون القدماء والرومان المردقوش منذ قبل الميلاد، فاستعملوه تابلاً مطيباً لأطعمتهم، وجعلوه واحداً من الأدوية، التي كانوا يتعالجون بها. واستخدمه كهنة المصريين لعلاج الصداع النصفي وتوتر الاعصاب والنرفزة. ووصفه "ديسقوريدس" (القرن الأول الميلادي) لتليين الاعصاب. واعتبره البير الكبير (1385-1450م) مقبلاً ومصرّفاً ومقوياً. ورأى أن التمسيد بزيته يخفف من التداعيات المرضية التي يسببها الفالج، داعياً الى استعمال مستحلبه ضد الاستسقاء.
واعلن طبيب فرنسي عاش في القرن السابع عشر أن المردقوش هو خير علاج للتشنجات. وأطباء القرن التاسع عشر عدّوه مسكناً، فدعوا الى استخدامه للخلاص من الأرق.
وقد عرف العرب هذه النبتة، ونصح بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: "عليكم بالمردقوش فإنه جيد للخشام". (الخشام هو الزكام). وورد استخدامه قديماً لعلاج ضغط الدم وعسر الطمث عند النساء، اضافة الى فائدته في ازالة الماء الزائد من الجسم.
فائدة المردقوش وفق الطب الحديث
اثبت الطب الحديث فائدة المردقوش في علاج عدد من الأمراض، منها: انتفاخ البطن، الالتهابات الصدرية واللوزتين والقصبة الهوائية، وآلام المعدة، والتهابات الأنف التحسسية، والزكام، والربو، والاضطرابات المعوية. عدا عن انه يستخدم على نطاق واسع في الصناعات الغذائية كتوابل مع اللحوم والخضار. وينصح بعدم تناوله اثناء الحمل لأنه منبه رحمي نشط.
وأكد متخصص طبي أن لعشب المردقوش تأثيراً مسكناً، ومضاداً للاكتئاب، مشيراً الى أن الابحاث أثبتت أن لمستخلص هذا العشب تأثيراً محفزاً لجهاز المناعة، يساوي تماماً التأثير المعروف لحبة البركة. وقال الباحث بقسم الفارماكولوجي في المركز القومي للبحوث في مصر، الدكتور محي الدين الليثي: "إن الدراسات التي أجريت لبيان التأثير العلاجي لمستخلص نبات المردقوش أثبتت ان له تأثيراً واقياً يمنع تدمير خلايا الكبد، وتأثيراً ضد الأكسدة". ودعا الى تناول كوب من عشب المردقوش صباحاً ومساء، منوهاً الى أن له تأثيراً مضاداً للالتهابات وخافضاً للحرارة المرتفعة يفوق تأثير بعض الأدوية المستخدمة في علاج هذه الأمراض. وبين أن التجارب الهرمونية أثبتت أن لهذا المستخلص القدرة على احداث التوازن الطبيعي لنسب هرمونات التكاثر. (ملاحظة: يوضع في كوب الشاي ملء ملعقة صغيرة من المردقوش ويصب عليه ماء مغلي ويترك لمدة عشر دقائق ثم يصفى ويشرب).
وأكد الدكتور عبدالباسط محمد السيد أنه وجد بالتجريب العلمي أن المستخلص المائي المحتفظ بالزيوت الطيارة من المردقوش له أثر فعال في تنظيم هرمونات الرنين، ولآلدوستيرون والبروستاجلاندين، وهي هرمونات الغدة الجاركلوية. ووجد أن المردقوش ينظم هرمون البرولاكتين، وانه عند تجربته بواقع كوبين من المستخلص المائي منه فإنه يحل محل الدواء الكيميائي، وبذلك يستخدم في علاجات حالات عدم انتظام الدورة الشهرية وعسر الهضم.
وثبت حديثاً أن المستخلص المائي المحتفظ بالزيوت الطيارة منه يخفض سكر الدم بنسبة تصل الى 15 في المئة. كما يستخدم (أي المستخلص) في علاج المفاصل والآلام الروماتزمية، وهو مهدئ وطارد للغازات.
استعمالاته العلاجية
من الداخل:
- يستحلب 40 غراماً من أوراق وأزهار المردقوش مدة عشر دقائق في ليتر الماء الساخن بدرجة الغليان، ثم يصفّى ويحلّى ويشرب، بمعدل فنجانين الى ثلاثة فناجين يومياً. (الجرعة: 3-2 فناجين يومياً).
- ويؤخذ بعد الطعام لتنشيط عمل المعدة والأمعاء، وللقضاء على كل اضطراب هضمي، للتخلص من النفخة، والثقل في المعدة.
- ويؤخذ ما بين وجبات الطعام لتصريف البلغم وخفض الحمى في النزلات الرئوية، ولتسكين التهابات الحلق والبلعوم، ولمعالجة التهاب الأمعاء والمغص المعوي، وللتخلص من وجع الرأس والصداع النصفي والاصابة بالبرد والتشنجات والنرفزة.
- ويعطى قبل موعد الحيض بعشرة ايام فيصحح كمية الطمث وينظّم مواعيد الحيض، ويزيل الأمغاص الرحمية المرافقة.
- ويؤخذ فنجان واحد من هذا المستحلب قبل النوم للقضاء على الأرق وتأمين نوم هانىء عميق.
من الخارج:
زيت المردقوش: يفرم 100 غرام من أوراق وأزهار المردقوش، فرماً ناعماً، ويغمر الفرم بكوبين من زيت الزيتون، ويغلى طوال ساعة فوق نار خفيفة في وعاء ضمن وعاء أكبر يحتوي من الماء ما يكفي لغمر الوعاء الأصغر حتى مستوى ما فيه من زيت، ثم يصفّى قماشة ويعصر ويحفظ للاستعمال.
وهذا الزيت له شهرته الواسعة، ويوصف تمسيداً ضد آلام الروماتيزم وألم العنق والتوائها وعرق النسا والنقرس، وغيرها من الآلام والتشنجات العصبية، ويستعمل في معالجة الفالج وما يسبّبه من شلل أو التواء وارتخاء.
ويستحسن اثناء استعمال هذا الزيت أن يؤخذ مستحلب المردقوش كمساعد للمعالجة الخارجية.
• مرهم: تمزج مئة غرام مردقوش مع كوبين من زيت الزيتون ومئة غرام من صمغ الصنوبر وتغلى لمدة ساعة في وعاء مزدوج (Bain-Marie). ويستعمل هذا المرهم بذات الطريقة ولذات الحالات الموصوف لها الزيت أعلاه.
• أنفية: يمزج نصف ملعقة صغيرة من مستحلب المردقوش بمثلها من الغليسيرين، ويؤخذ شيء من القطن يكبكب كباكيب صغيرة، الواحدة بحجم الحمّصة، ثم تغمس كل مرة كبكوبتين من القطن بهذا المزيج وتجعلان في المنخرين. يفعل ذلك مرتين في اليوم ضد رشح الربو ورشح الدماغ.
• ضماد: ترض قبضة صغيرة من المردقوش وتجعل ضمن شاشة وتضمّد بها الكلوم والجراح والقروح، فتنقّيها وتسرع في إدمالها. ويبدل الضماد كل ست ساعات.
• استنشاق البخار: بخار المردقوش مطهّر موصوف ضد رشح الدماغ استنشاقاً.
ملاحظة:
لا يوجد مضار من المردقوش، الا اذا استعمل بطريقة عشوائية، ولم يتقيد الشخص بما مر من استعمالاته العلاجية.
مجلة بلسم لشهر أيار (مايو) 2012 العدد رقم 443