من محبي الشيخ محمد بن اسماعيل المقدم في 20 أغسطس، 2010، الساعة 06:29 مساءً ·
نص محاضرة لفضيلة الشيخ
صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله
اعتنى بإخراجها
نايف بن محمد العساكر
سلسلة الإصدارات العلمية لحلقات جامع شيخ الإسلام ابن تيمية
مقدمة فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان، واقتفى أثرهم، وسار على نهجهم إلى يوم الدين، أما بعد:
فالموضوع الذي سنتكلم عنه- إن شاء الله- بعض الكلام يتكون من شقين:
الشق الأول: فضل العلم، وفضل العلماء.
والشق الثاني: آداب طالب العلم.
فأما الشق الأول وهو فضل العلم، فهو شيء ظاهر وواضح، قال سبحانه وتعالى: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الألْبَابِ﴾(1)، وهذا استفهام استنكار، للتسوية بين الصنفين، أي لا يستوي هؤلاء وهؤلاء، الذين لا يعلمون لأنهم جهال، والجهل داء قاس.
وفي الجهل قبل الموت موت *** لأهله وأجسامهم قبل القبور قبور
الجاهل يسير في ظلام، وقد يعمل خطأ وإن اجتهد ما دام أنه غير عالم، فإن عمله قد يكون خطأ وهو ضال عن الطريق الموصل إلى المقصود، والذين يعلمون قد استناروا بنور العلم والهداية التي جاءت بها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فالعالم وريث للأنبياء، قال صلى الله عليه وسلم: «والعلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، وإنما ورثوا العلم»(2)، الدينار والدرهم متاع عاجل، وربما يكون فتنة لصاحبه، وأما العلم فإنه نور في الدنيا وفي الآخرة، فلا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون، وقد ذكر الله شهادة أهل العلم مع شهادته، وشهادة ملائكته على أعظم مشهود به، وهو توحيده، قال جل وعلا: ﴿شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾(3)، فأهل العلم يشهدون أن لا إله إلا الله، كما أن الله يشهد بذلك، وتشهد به ملائكته، فكانت شهادتهم مقرونة بشهادة الله وشهادة ملائكته على أجل مشهود به وهو التوحيد، فهذا فيه شرف أهل العلم الذين حملوا هذا العلم حق حمله، وقاموا بواجبه، هؤلاء ذكر الله شهادتهم مع شهادته وشهادة ملائكته، وقال جل وعلا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾(4) إذا قيل تفسحوا في المجالس، مجالس الذكر، ومجالس العلم فاجعلوا لمن جاء يريد طلب العلم، ويريد الجلوس معكم، اجعلوا له مكانًا يتمكن فيه من سماع العلم، ﴿يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ﴾ يوسع لكم؛ لأن الجزاء من جنس العمل، ﴿وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا﴾ أي قوموا إلى الصلاة، أو إلى غيرها فانشزوا، النشز هنا هو الاتفاع بالقيام من المجلس، ﴿يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ فمن قام للصلاة، أو قام لذكر الله، أو أفسح لأخيه رفعه الله سبحانه وتعالى، قدم المؤمنين على الذين أوتوا العلم؛ لأن العلم بدون الإيمان لا فائدة فيه، وإنما العلم المعتبر الذي له الشرف والمكانة هو ما كان مسبوقًا بالإيمان بالله عز وجل وبرسوله صلى الله عليه وسلم، وبكتابه، وبما يجب الإيمان به، ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا﴾ لا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى، كل بحسب ما أتاه سبحانه وتعالى، لأن العلماء يتفاوتون، بعضهم أرفع من بعض، وهم في جملتهم أرفع من غيرهم من الخلق، ثم قال: ﴿وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ هذا يفيدنا أن ثمرة العلم العمل، وأن العلم إنما هو وسيلة إلى العمل، وليس المقصود من حمل العلم خزنه في الصدر والذاكرة والمباهاة به، وطلب الدنيا أو طلب المطامع الدنيوية، وإنما المقصود بالعلم العمل، فإن كان علم بدون عمل فهو كشجرة بلا ثمر لا فائدة فيه، وإنما هو حمل يحمله صاحبه ويثقله وهو لا يستفيد منه كما قال تعالى ﴿كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللهِ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾(5) فهؤلاء حملوا العلم ولكنهم لم يعملوا به فهم مثل الحمار الذي يحمل الأسفار، أي الكتب الضخمة وهو لا يستفيد منها، ولكن يقاسي من حملها وثقلها، فهذا مثل العالم الذي لا يعمل بعلمه، والشاعر يقول:
والعلم إن كان أقوالاً بلا عمل *** فليس صاحبه في الجهل منغمر
الجاهل الذي لا يدري على هوانه وعلى انحطاط مكانته، الجاهل أحسن حالاً من العالم الذي لا يعمل بعلمه؛ لأن الجاهل قد يعذر بجهله حتى يتعلم، أما العالم الذي لا يعمل بعلمه فهذا لا يعذر؛ لإنه قامت عليه الحجة، ولهذا جاء في الحديث « إن أول من تسعر بهم النار يوم القيام ثلاثة: أحدهم رجل آتاه الله علمًا، ثلاثة: مجاهد، ومنفق للأموال، وعالم»(6) هؤلاء أول من تسعر بهم النار يوم القيامة، الذي قتل في المعركة ظاهره أنه شهيد، والشهداء من أفضل الخلق، منزلتهم بعد الصديقين، المنزلة الأولى للنبيين، والثانية للصديقين، والثالثة للشهداء، قال تعالى: ﴿فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾(7) لكن هذا قتل وهو لا يقصد الجهاد، وإنما يقصد أن يوصف بالشجاعة، بأن يقال: هو شجاع، فهو ما دخل المعركة لابتغاء وجه الله، ولإعلاء كلمة الله، لأن الشهيد كما بينه النبي صلى الله عليه وسلم: « ومن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا» وقتل في سبيل الله، فهذا ما قاتل من أجل هذا، وإنما قاتل ليتبين مكانه بأنه شجاع يريد المدح، فيؤتي به يوم القيامة يسأله الله سبحانه وتعالى ماذا عملت؟ فيقول: يا رب قاتلت فيك حتى قتلت، فيقال له: كذبت ولكنك قاتلت ليقال هو شجاع وقد قيل، ثم يسحب إلى النار، والثاني رجل عنده أموال ينفق ويكثر الإنفاق فيسأله الله يوم القيامة ماذا عملت في مالك؟ فيقول: رب ما تركت شيئًا تحب الإنفاق فيه إلا أنفقت فيه، فيقال له: كذبت ولكنك أنفقت ليقال هو جواد وقد قيل، فكل من هؤلاء قصده أن يمدح بأنه جواد، وأنه كريم، ما قصد به وجه الله سبحانه وتعالى، العبرة بالمقاصد، وليست العبرة بصورة الأعمال، فيسحب إلى النار، والثالث وهو محل الشاهد، رجل تعلم العلم وعلمه فيؤتى به يوم القيامة فيسأله الله ماذا عملت بعلمك؟ فيقول: رب تعلمت فيك العلم وعلمته، فيقال له: كذبت ولكنك تعلمت ليقال هو عالم وقد قيل، ثم يؤمر به ويسحب إلى النار، ولذا قال جل وعلا في ختام هذه الآية: ﴿وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾. فالمطلوب من العالم هو العمل، وأن يكون العمل لوجه الله سبحانه وتعالى؛ لأن أي عمل لابد أن يتوفر فيه شرطان حتى يقبل:
الشرط الأول: الإخلاص لله عز وجل بأن لا يكون فيه بدعة ولا خرافة، ولا شيء محدث ليس من دين الله عز وجل، فإن كان العمل بدعة أو خرافة فإنه مردود على صاحبه، قال صلى الله عليه وسلم: « من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد»(
، وفي رواية: « من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»(9)، أي مردود على صاحبه لا يقبل، فإذا كان علم بلا عمل فلا فائدة منه، وإنما يكون حجة على صاحبه يوم القيامة.
ثانيًا: عمل بلا علم لا فائدة منه؛ لأنه ضلال، أما العلم مع العمل فهذا هو المطلوب، هذا هو المقصود، وهذا كما في آخر سورة الفاتحة ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ﴾(10) والذين أنعم الله عليهم هم أهل العلم الصحيح والعمل الصالح، هؤلاء هم المنعم عليهم، جمعوا بين العلم النافع والعمل الصالح فصاروا منعمًا عليهم، نسأل الله أن يجعلك منهم، أي أن يجعلك من أهل العلم والعمل، ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾ نسأل الله أن يجنبك طريق المغضوب عليهم، وهم الذين أخذوا العلم وتركوا العمل، فهؤلاء مغضوب عليهم؛ لأنهم عرفوا الحق ولم يعملوا به.
والفريق الثاني: الضالون الذين أخذوا العمل وتركوا العلم، يعملون بدون علم، وإنما يتبعون العادات والتقاليد، وأقوال الناس، وما وجدوا عليه آباءهم، بدون علم من الله سبحانه وتعالى، بل يرفضون العلم ولا يريدونه ويقولون: المقصود العمل، وهناك طائفة من الصوفية يزهدون في العلم، ويقولون للناس: لا تشتغلوا بالعلم، اشتغلوا بالعبادة والذكر، أما تعلم العلم والجلوس مع العلماء، ومع حلق الذكر فهذا يأخذ عليك الوقت: والمقصود هو العمل، فسبحان الله العمل بدون علم!! لا يكون عملاً إلا إذا كان معه علم، هذه طريقة ضالة موروثة عن النصارى، فالنصارى عندهم عبادات وعندهم رهبانية لكنهم على غير علم، فهم في جهنم، ولا ينفعهم تعبدهم، وبكاؤهم، وتنسكهم، وكذلك من سار على نهجهم من الخرافيين والمبتدعة، لا ينفعهم ذلك؛ لأنه عمل بدون علم، وبدون هدي من الله سبحانه وتعالى، فتنبهوا لآخر هذه السورة العظيمة إذا قرأت ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ تطلب من الله أن يدلك ويوفقك إلى طريق أهل العلم النافع والعمل الصالح، وأن يجنبك طريق الذين أخذوا العمل وتركوا العلم كالنصارى، ومن سار على نهج الفريقين من هذه الأمة، ولهذا يقول بعض السلف: من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود، ومن فسد من عبادنا ففيه شبه من النصارى، فليست الآية خاصة باليهود أو النصارى فقط، وإنما هي عامة لكل من سلك طريق اليهود أو طريق النصارى إلى يوم القيامة.
ومن السنة الصحيحة في فضل العلم ما جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله»(11) أي المسجد، لأن المسجد هو أفضل مكان لتعلم العلم لما جعل الله في المسجد من السكينة والوقار وأثر العبادة، فالمساجد لها نزية لتلقي العلم، وحضور الدروس فيه، لأنها مأوى الملائكة، ومهبط الرحمة، وموطن العبادة، وهي أفضل بقاع الأرض وأحبها إلى الله سبحانه وتعالى.
« يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم» يتلون كتاب الله: يقرؤونه تعلمًا ورواية وتحملاً عن المقرئين المتقنين، ويتفقهون في معانيه، فليس المقصود أنك تحفظ القرآن وتجيد التلاوة، ليس هذا هو المقصود، هذا مطلوب ولكنه ليس هو المقصود، بل هو وسيلة للمقصود وهو التقثه في معانيه، ومعرفة تفسير كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، وليس المقصود حفظ الحروف، وحفظ المتون، وحفظ الآيات، وحفظ الأحاديث، الحفظ مطلوب وهو شيء لابد منه، لكن ليس هو المقصود، المقصود معرفة المعاني والتفقه فيها، ولهذا يقول بعض الصحابة: ما كنا نتجاوز عشر آيات حتى نتعلم معانيهن والعمل بهن، قال: فتعلمنا العلم والعمل جميعًا، ثم أيضًا ليس الفقه فقط بل المقصود هو العمل، هذ هو المقصود، والعمل لا يمكن بدون علم وبدون فقه، فهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: « يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم» أي يتفقهون في معانيه، فهم يحفظون ويتفقهون في معانيه، فالعلم رواية ودراية، رواية: هي حفظ النصوص، ودراية: وهي فقه المعاني، وهذا هو العلم الصحيح، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: « مثل ما بعثني الله به كمثل غيث أصاب أرضًا منها طوائف أمسكت الماء وأنبتت الكلأ فشرب الناس ورعوا، وأصاب طائفة أجادب. يعنب لا يكون فيها نبات ولكنها أمسكت الماء للناس. فارتووا وشربوا، وأصاب طائفة إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ»(12) فقسم الناس إلى ثلاث طوائف، كما أن الأرض التي يصيبها المطر تنقسم إلى ثلاثة أقسام لأن مثل المطر، المطر تحيي به الأرض، والعلم تحيي به القلوب، تحيي به النفوس، فهو غيث من الله عز وجل.
الطائفة الأولى الذين جمعوا بين حفظ النصوص والفقه في معانيها واستنباط الأحكام منها، حفظوا النصوص، وتفقهوا في هذه النصوص واستخرجوا معانيها وما تدل عليه، مثل الأرض التي أمسكت الماء وأنبتت الكلأ، وهو العشب، هذه أحسن الطوائف، وهم الذين جمعوا بين الرواية والدراية، ويقال لهم فقهاء الحديث، هم أعلى العلماء في هذه الأمة، الذين جمعوا بين حفظ النصوص والتفقه فيها، أما مجرد الحفظ من غير تفقه فهذا فيه خير لكنه أقل من الأول، وهؤلاء هم الطائفة الثانية، وهم حفاظ الحديث.
أما الطائفة الثالثة: والعياذ بالله، ليس فيها خير، وهي التي لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، وهذا مثل للذين لا يعتنون بتلقي النصوص ومعرفتها، لا حفظ ولا فقه، هؤلاء لا خير فيهم، وهذا إذا كانوا معرضين، أما إنسان مسلم جاهل يريد الخير وهو مؤمن بالله عز وجل، ويحب الخير لكن ما تيسر له أنه يتعلم، ولا أتيحت له الفرصة أنه يتعلم، هذا فيه خير لكنه يعتبر من عوام الناس، إنما الذنب على من ترك التعلم والتفقه رغبة عن ذلك وعدم إقبال منه على هذه الأمور، هذا هو المذموم، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: « فذلك مثل من لم يقبل هدى الله الذي جئت به، ولم يرفع بذلك رأسًا»، وهذا ينطبق على من رغب عن العلم، وأعرض عن العلم وزهد فيه، أما العامي من المسلمين الذي عنده الإيمان وعنده محبة الخير، ولكنه لم يتمكن من طلب العلم، أو لا يستطيع، فهذا من عوام المسلمين يرجى له الخير، ولكن هو على خطر، فعليه أن يحرص على معرفة الحق والعمل به، وقال صلى الله عليه وسلم: « ومن سلك طريقًا يلتمس به علمًا سهل الله له طريقًا إلى الجنة»(13) « من سلك طريقًا» يعني سار مع طريق يريد أن يتعلم العلم النافع، وهذا يشمل الطريق الحسي، وهو المشي إلى طلب العلم والذهاب إلى أمكنة العلم ولو احتاج إلى السفر، فمن رحل في طلب العلم فإنه سلك طريقًا إلى العلم، طريقًا حسيًا، والنوع الثاني: طريق معنوي، وذلك بحضور مجالس الذكر، وحفظ النصوص والتفقه فيها، هذا طريق إلى العلم، طريق معنوي، وهو وسيلة وليس هو المقصود، إنما المقصود العمل بالعلم، سهل الله له طريقًا إلى الجنة؛ لأن الجزاء من جنس العمل، فإذا سلك طريقًا يلتمس العلم فيه ويطلب العلم فيه سواء كان طريقًا حسيًا أو طريقًا معنويًا، فإن هذا الطريق طاعة لله سبحانه، وعبادة لله، جزاؤه أن الله يسهل طريقه إلى الجنة، ويوفقه إلى الطريق الذي يوصل إلى الجنة، وهذا جزاء من الله سبحانه وتعالى، وهذا مثل قوله جل وعلا: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى﴾(14) فالعبد يبدل السبب والنتيجة من الله سبحانه وتعالى، والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، فمن أقبل على الله أقبل الله عليه. وجاء في الحديث « أن ثلاثة نفر دخلوا المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم جالس بين أصحابه يحدثهم، هم ما جاؤوا قاصدين الدرس، جاؤوا إلى المسجد لكن لما دخلوا ورؤوا الرسول صلى الله عليه وسلم بين أصحابه ورؤوا مجلس الذكر، واحد منهم رغب الحضور والجلوس فجلس في الحلقة عن رغبة وعن محبة، الثاني أراد أن ينصرف لكنه استحيي فجاء وجلس في الحلقة حياءًا، ما استساغ أن ينصرف والرسول صلى الله عليه وسلم يتحدث. أما الثالث فأعرض فأعرض الله عنه»(15).
هذا حديث عظيم يفيد أن من أعرض عن طلب العلم وتركه وهو متمكن منه أن الله يعرض عنه، وأن من أقبل على طلب العلم عن رغبة، أو حتى عن حياء فإنه على خير، وكما في الحديث في فضل العلماء أنهم ورثة الأنبياء، وكفى بذلك شرفًا لهم أنهم ورثة الأنبياء، فالعلماء يقومون مقام الأنبياء في الناس بالدعوة إلى الله، والفتوى والتوجيه والقضاء بينهم، فهم يقومون مقام الأنبياء بعد وفاة الأنبياء، فهم ورثة الأنبياء والوارث يقوم مقام الموروث وينوب عنه، وهذا شرف للعام أنه من ورثة الأنبياء في تبليغ دين الله عز وجل، وحمل العلم النافع، قال صلى الله عليه وسلم: « فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب»(16)، العالم بكتاب الله وبسنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، المتفقه في دين الله أفضل من العابد الذي شغل نفسه بالعبادة لله عز وجل، واستنفذ أوقاته في طاعة الله، يقوم الليل ويصوم النهار ولا يفتر عن ذكر الله عز وجل، هذا عابد، لكن العالم أفضل منه، فالعالم مثل القمر، والعابد مثل الكوكب، الفرق بين القمر والكوكب والمناسبة أن العالم امتد نوره على الناس واستفادوا منه مثل القمر امتد نوره على الناس واستفادوا منه، ساروا عليه في الليل، لأن نور القمر يمتد إلى الأرض فينتفع به الناس والمسافرون، فهذا مثل العالم ينير للناس الطريق، وأما العابد ففيه نور العبادة، لكن نوره قاصر عليه، لكن لا يمتد إلى الغير، هذا وجه الشبه، ووجه الفرق بين الاثنين أن القمر انتفع الناس بنوره تمدد على الكون، بخلاف الكوكب فإن نوره مقصور عليه فقط، والنفع المتعدي خير من النفع القاصر على صاحبه، فهذا فيه فضل العالم على العابد فما بالك بفضل العالم على غير العابد الذي ما عنده علم ولا عنده عبادة، هذا لا شيء وليس له اعتبار عند الله سبحانه وتعالى، وإن اعتبره الناس من القادة أو من الرؤساء أو من المعظمين، إذا كان لا علم ولا عمل فهو لا قيمة له عند الله سبحانه وتعالى، ولا حتى عند خلقه، فهذه نصوص أو بعض النصوص تدل على فضل العلم وفضل العلماء، والمراد بالعلماء علماء الشريعة؛ لأن العلم الذي جاء مدحه في كتاب الله، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم المراد به علم الشريعة، ليس المراد به علم الصناعات والحرف والمهن والاختراعات كما هو سائد عند الناس اليوم، يطلقون العالم على المخترع، وعلى صاحب الصنعة، وهذا عالم بعلم دنيوي، علم حرفة، لاشك أنه أحسن من غيره أنه ينفع نفسه وينفع الناس، لكن هذا نفع دنيوي وعاجل، إنما العلم الصحيح والعلم الذي مدحه الله ومدحه الرسول صلى الله عليه وسلم هو العلم الشرعي الذي قال الله جل وعلا: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾(17) المراد بالعلماء علماء الشريعة؛ لأنهم عرفوا الله حق معرفته، وخافوا منه ورجوه، لا يمكن أن تعرف الله حق المعرفة إلا بالعلم﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾، أما علماء الصناعة وعلماء المهارات فربما يكونون لا يعرفون الله سبحانه وتعالى، فكيف يقال إن هؤلاء هم العلماء وهم لا يعرفون الله عز وجل، بل أكثرهم يكفرون بالله سبحانه وتعالى، فكيف تعطيهم صفة المدح، نأخذ النصوص من القرآن والسنة ونطبقها عليهم ونقول: هؤلاء هم المقصودون! لا، هذا لا يجوز، إنما المراد بالعلماء علماء الشريعة الذين علمهم ينفع في الدنيا وفي الآخرة، في الدنيا ينفع الهداية ومعرفة الحق من الباطل، وفي الآخرة يورث الجنة والخلود فيها، هذا هو العلم المقصود.
والعلماء ذكروا أن العلم على قسمين:
قسم لا يعذر أحد بجهله، فكل مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، لابد أن يتعلم هذا الصنف من العلم وذلك ما لا يستقيم دينه إلا به، كمعرفة عقيدته، ومعرفة صلاته، وزكاته، وصيامه، وحجه، فهذا القدر من العلم لا يعذر أحد بجهله، فإن جهله أو قصر في طلبه فإنه يكون مفرطًا وناقصًا في علمه وفي عمله.
أما القسم الثاني: فهو ما زاد على ذلك، كفقه المعاملات، وفقه المواريث، وفقه الأنكحة والجنايات، هذا لابد منه لكن لا يجب على كل واحد، بل إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين.
وأما الشق الثاني من المحاضرة وهو بيان صفات طالب العلم فمنها:
أولاً: الإخلاص لله عز وجل في طلبه للعلم، ولا يكن مثل الذي يسحب يوم القيامة على وجهه إلى النار، وهو الذي تعلم العلم لأجل أن يقال: هو عالم، ولأجل أن يمدح بذلك ويكون له مكانة عند الناس، فإذا كان هذا قصده فهذا قصد باطل.
فطالب العلم أول شيء يحسن النية لله عز وجل.
ثانيًا: أن يتلقى العلم عن علماء، يتلقى العلم عن أهله، عن العلماء المعروفين به، ومن مصادره المعروفة، فالمتعلم يحتاج إلى شيئين: إلى كتاب مفيد، وإلى معلم مجيد، إذا وفق لهذين الاثنين، كتاب ومعلم فقد بذل السبب، وأما أن الإنسان يتعلم على نفسه، ويجعل له المكتبة الضخمة يطالع فيها ثم يخرج على الناس في صورة أنه عالم وهو لم يتلقى العلم عن أحد، وإنما تلقى العلم عن نفسه، وعن كتبه، فهذا خطؤه أكثر من صوابه، ولهذا يقال في المثل العامي: من كان دليله كتابه خطأه أكثر من صوابه، فالعلم لا يتلقى عن الكتب، ولا يتلقى العلم عن الجهال، وإنما يتلقى العلم عن أهله المعروفين به ومن كتبه ومصادره الموثوقة.
ثالثًا: من آداب طالب العلم: أنه يتدرج في طلب العلم، يبدأ من المختصرات، ثم المتوسطات، ثم المطولات من الكتب، أما العكس كما يفعل بعض طلاب العلم الآن أنه يأخذ المتون الكبار، والكتب الكبار، والشروح الضخمة ويترك الأساس، فهذا عكس الطريقة الصحيحة ولا يستفيد بل هذا يتشتت ذهنه ويضيع وقته ولا يستفيد، أما لو أنه يتدرج في العلم شيئًا فشيئًا مع المختصرات وهي الكتب الصغيرة، ثم الكتب التي بعدها، والعلماء ألفوا هذه المختصرات المبسطة التي تتكون من ورقات قليلة من أجل أن تكون مرقاة للطالب إلى ما فوقها، العلم لا يحصل لك إلا إذا صعدت مع مراحل التعليم، فبدأت من الألف كما يقولون، بدأت الشيء من أساسه، ثم تترقى شيئًا فشيئًا، تتكون شيئًا فشيئًا حتى تصل إلى المقصود، أما العكس وهو أنك تأخذ العلم من أعلاه وتترك أصوله فقد ضيعت نفسك، ولهذا يقول العلماء من ضيع الأصول حرم الوصول، والعلماء ما ألفوا هذه المختصرات إلا عن تجربة ونصح للأمة، فجزاهم الله خير الجزاء، ولو أنك تذوقت ما في هذه المختصرات، ثم عرفت معناها لوجدت العلم الغزير، وما فوقها من الكتب إنما هي شروح لها وتبسيط لها، لكن هي الأصول، ولهذا ألفوا متونًا في النحو، وألفوا متونًا في الحديث، وألفوا متونًا في سائر العلوم، ألفوا المتون المختصرة من أجل أن يتدرج طالب العلم في حفظها وفهمها إلى ما هو أعلى منها.
رابعًا: على طالب العلم العمل بما يعلم، فكلما علم شيئًا من الحق عمل به، والعمل يزكي العلم ويزيده وينميه، ولهذا يقال: من عمل بما علم أورثه الله ما لم يكن يعلم، فالعمل يزكي العلم وينميه ويجعل الله فيه البركة، أما علم بدون عمل فلا بركة فيه ولا فائدة منه، فكلما تعلم طالب العلم مسألة من المسائل أو بابًا من الأبواب أو أقل أو أكثر فإنه يبادر إلى العمل به؛ لأن هذا هو المقصود من العلم.
خامسًا: من صفات طالب العلم أن ينشر علمه على المحتاجين منالناس، إذا أعطاه الله علمًا ولو قليلاً فإنه لا يخزنه ويبخل به، وإنما يعلمه للناس لأن هذا العلم للناس جميعًا، العلم أنزله الله للناس، فلا تخزنه وتحرم الناس منه، هذا أمانة حملك الله إياها لنفسك أولاً، ولإخوانك، ما تقول: ما علي من الناس، أنت مكلف بأنك تدعوا إلى الله، وتعلم الناس الخير، ترشدهم، تبدأ بأهل بيتك ومن حولك، جيرانك، أهل بلدك، إلى آخره فإذا من الله عليك بشيء من العلم فإنك تنشره بين الناس، فانفع الناس بأن ترشد وتوضح للجاهل، تدعو إلى الله عز وجل « لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك من حمر النعم»(18).
سادسًا: كذلك من صفات طالب العلم التواضع وعدم التكبر، ويتواضع لإخوانه، ويتواضع لطبة العلم، ويتواضع للناس، فإن العلم يفيد التواضع، أما الكبر والترفع على الناس فهذا ليس من صفات طالب العلم، وكلما كثر علم الإنسان كثير تواضعه، قال جل وعلا لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾(19) وطالب العلم قدوة يتسع صدره للناس، والسائلين، والمسترشدين، حتى ولو شقوا عليه تحمل لأنه على أجر، فهذا من صفات طالب العلم التواضع.
سابعًا: كذلك من صفات طالب العلم أن لا يرى أنه بلغ حدًا من العلم، ويقول: هذا يكفيني، مهما أمكن أنه يتعلم يتعلم، ومهما أمكن أنه يسأل ممن هو أعلم منه يسأله، ولا يظن في نفسه أنه غني عن سؤال العلماء حتى ولو كان عالمًا في نفسه فإنه يكون هناك من هو أعلم منه، قال جل وعلا: ﴿نَّشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾(20) وقال الله لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم: ﴿وَلاَ تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾(21) فإذا رأى الإنسان أنه بلغ الغاية من العلم فهذا دليل على جهله، ويقال: من قال: أنا عالم فهو جاهل: لأن الإنسان بحاجة إلى العلم والمزيد من العلم، ولا يستقل بنفسه، وليعلم أنه هناك من هو أعلم منه، وهناك من هو أفقه منه، فعليه أن لا يقف عند حده مهما أمكن، بل إنه يتزود بأي وسيلة.
هذه من صفات طالب العلم، فهذه بعض فضائل العلم والعلماء وهذه بعض صفات طالب العلم التي يجب أن يتحلى بها.
ثامنًا: من صفات طالب العلم التأدب مع المعلم، ويتخلق بالأخلاق الفاضلة، لأنك إذا لم تتأدب مع مدرسك ومع معلمك فإنك لن تستفيد منه، فتأدب مع العلماء والمدرسين حتى تستفيد من علمهم، ومن فقههم، وحتى لو لاحظت على مدرسك شيئًا من الخطأ فلا تقابله، لا تقابل شيخك أو مدرسك بالاعتراض، وإذا أردت أن تنبهه فهناك طرق غير مباشرة، بأن تسأله سؤالاً عن كذا وكذا لأجل أن ينتبه للجواب، وينتبه للخطأ، فإذا لاحظت عليه فنبهه في صورة سؤال، ولا تقل له: أنت أخطأت، وليس هذا خاصًا بالمدرس الذي يكون في المسجد بل حتى المدرس الذي يكون في الفصل، وعلى كل حال فإن الاشتغال بالعلم تعلمًا وتعليمًا وعنايةً هو من أفضل الأعمال، يقول الشاعر:
وكم في كتاب الله من مدحة لهم *** يكاد بها ذو العلم فوق السها يسمو
وشرف العلم، وشرف العلماء إنما يكون بحمل العلم حق حمله ومعرفة حقه، أما من يتحمل العلم وهو لا يعرف حق العلم، ولا يؤدي حق العلم فهذا مثل ما سبق ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ﴾ ومثل قصة بلعام كان من علماء بني إسرائيل لكنه – والعياذ بالله – أخذ إلى الأرض واتبع هواه، قال تعالى: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا﴾(22) انسخ من العلم، هو عالم لكنه لم يعمل بعلمه، ويخالف ما علمه لرغبة نفسه وشهوته، يريد الدنيا، والعلم يراد به الآخرة، فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين، ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ﴾(23)، ما طلب الرفعة، ما ارتفع إلى السماء، وإنما أخلد إلى الأرض، ولم يتبع العلم وإنما اتبع هواه.
فتارة شبه الله العلماء الذين لا يعملون بعلمهم بالحمير التي هي أبلد الحيوانات، وتارة شبههم بالكلاب التي لا تزال تلهث دائمًا وأبدًا، فهذا وصف دناءة وتنفير من هذه الصفة، فكفى بهذا ذمًّا لمن يعلم الحق ولكنه لا يعمل به، إما لطمع دنيوي يتعارض مع علمه، ومع العمل بعلمه، أو لهوى في نفسه ولغيره، وهذا من فضائل العلماء أنهم لا يقتصرون على أنفسهم، وإنما يحملون مسئولية الناس ومسئولية المجتمع، فهم ينيرون لأنفسهم، وينيرون لغيرهم، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: « بلغوا عني ولو آية»(24).
والتبليغ على قسمين تبليغ اللفظ، وتبليغ المعنى، تبليغ اللفظ معناه أنك إذا حفظت آية أو سورة أو حديثًا أنك تحفظه للناس، تقرؤه على الناس، هذا تبليغ اللفظ، وهذا لمن كان ليس عنده فقه، إنما يحفظ النصوص، فعليه أنه يلقنها للناس.
النوع الثاني: تبليغ المعنى، وهذا لا يقوم به إلا العلماء، فعلى كل حال تبليغ العلم للناس مطلوب، لكن تبليغ لفظ لمن لم يكن عند فقه، وإنما عنده حفظ فقط، فليبلغ، وتبليغ معنى، وهذا لمن كان عند فقه، يشرح للناس معاني النصوص، ويقضي بينهم في فصل المنازعات، ويفتيهم في النوازل، هذا تبليغ المعنى، وكل مسئول على حسب مقدرته، وعلى حسب استطاعته، هذا وأسأل الله جل وعلا أن يمن علينا وعليكم بالعلم النافع والعمل الصالح والإخلاص لوجهه الكريم، وأن يرزقنا وإياكم البصيرة في دينه، والفقه في كتابه وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الزمر: 9.
(2) رواه أبو داود في السنن (3/ 317/ ح3641)، والترمذي في الجامع (5/ 48/ ح2682)، وابن ماجه في السنن (1/ 81/ ح223)، وابن حبان في صحيحه (1/ 289/ ح88).
(3) آل عمران : 18.
(4) المجادلة: 11.
(5) الجمعة: 5.
(6) رواه الترمذي في الجامع (4/ 591 ح2382)، وابن خزيمة في صحيحه (4/ 116/ ح2482)، وابن حبان في صحيحه (2/ 137/ ح407).
(7) النساء: 69.
(
رواه مسلم في صحيحه (3/ 1343/ ح1718).
(9) رواه البخاري في صحيحه (2/ 959/ ح2550)، ومسلم في صحيحه (3/ 1334/ ح1718).
(10) الفاتحة: 6-7.
(11) رواه مسلم في صحيحه (4/ 2074/ ح2669).
(12) رواه البخاري في صحيحه (1/ 42/ ح10)، ومسلم في صحيحه (4/ 1787/ ح2282).
(13) رواه مسلم في صحيحه (4/ 2074/ ح2699).
(14) الليل: 5- 7.
(15) رواه البخاري في صحيحه (1/36 / ح66)، ومسلم في صحيحه (4/ 1713/ ح2176).
(16) رواه أبو داود في السنن (3/317/ ح3641)، والترمذي في الجامع (5/ 48/ ح2682)، وابن ماجه في السنن (1/ 81/ ح223)، وابن حبان في صحيحه (1/ 289/ ح88).
(17) فاطر: 28.
(18) رواه البخاري في صحيحه (3/ 1077/ ح 2783).
(19) آل عمران: 159.
(20) يوسف: 76.
(21) طه: 114.
(22)الأعراف: 175.
(23) الأعراف: 176.
(24) رواه البخاري في صحيحه (3/ 1275/ ح2274).