اللعب وأثره في تربية الطفل
اعتبر اللعب قديماً مضيعة للوقت، ومبدداً للجهد بدلاً من بذله في التعلم والدراسة، ولذا فلا غرابة أن وجدنا التربية القديمة عملت جاهدة لإبعاد تلاميذها عن اللعب.. أما في عهد التربية الحديثة فإن الصورة قد تبدلت، فلقد تم إدخال اللعب في المناهج التربوية وغرسه في الكثير من النشاطات التربوية والمواضيع الدراسية في جميع مراحل التعليم اعترافاً بأهميته الملموسة في ترسيخ التعليم في الذهن.
واللعب الذي نعنيه هنا يشمل مجموعة النشاطات والممارسات التي يقوم بها الطفل سواء من تلقاء نفسه أم التي صممت له من قبل غيره (كالجري - العوم في الماء - ركوب الأراجيح - ...).
واللعب هو استغلال لطاقة الجسم الحركية في جلب المتعة النفسية للفرد، وهو الوسيلة التي يزداد بها الطفل معرفة بالبيئة التي يعيش فيها.. إذ أن اللعب هو عمل للطفل، وهو وسيلته التي ينمو بها ويرقى بواسطتها، ويمكن أن ننظر إلى نشاط اللعب على انه رمز الصحة العقلية.. فإذا لم يقبل عليه الفرد كان ذلك دليلاً على عيب فطري أو مرض نفسي، فنجد إن هناك فوائد عديدة وثماراً تربوية جمة يقدمها اللعب للطفل ومنها:
• إن اللعب ينفس عن التوتر الجسمي والانفعالي.
• يدخل الخصوبة والتنوع في حياة الطفل.
• يعلم الطفل أشياء جديدة عن نفسه.
• يعطي الطفل فرصة لاستخدام عقله وحواسه وزيادة قدرته على الفهم.
• يتيح الفرصة للطفل ليعبّر عن حاجاته التي لا يتاح له إشباعها في حياته اليومية.
• يمكّن الكبار من مساعدة الطفل على حل المشكلات والأزمات التي تصادفه.
• يوفر للطفل فرصة التغيير وهي حاجة أساسية عند الإنسان.
بعد أن كانت التربية التقليدية تعتبر اللعب عدواً للوقت والجهد وتحول بين الأطفال وبينه، جاءت التربية الحديثة لتعزز موقفه وتجعله ضرورياً للنمو الجسمي والعقلي والاجتماعي والانفعالي للطفل، وتؤكد على انه ميل طبيعي له غاياته التربوية.. ولذا فإن معظم علماء التربية يؤكدون على جعل اللعب مبدأ من مبادئ التربية، وانه وسيلة مهمة لتربية الصغار يسهم اللعب فيها إسهاماً كبيراً مع الغذاء في زيادة وزنه وحجمه ونمو أجهزته المختلفة، تعمل جميعها أعمال الطاقة الكامنة لدى الطفل، وبالتالي زيادة قوته العضلية ونموه البدني.
وفي رأيي الشخصي:
-إن اللعب ضرورة أساسية لنمو الطفل في مرحلتي الطفولة المبكرة والمتأخرة لتهيئته لاستقبال الأعمال والمهارات التي تتطلبها مراحل النمو والبيت والمدرسة وكلاهما مدعو لتشجيع الطفل على تنويع نشاطه الحركي وتشجيعه على الحركة التي تتطلب المهارة والشجاعة، كما تعد ألعاب الأطفال وسيلة مهمة وحيوية لإدراك الكثير من المفاهيم والقواعد في مختلف المعارف والعلوم، وفهم بعض أسراره.
- إن اللعب يعطي الطفل فرصة لاستخدام حواسه وعقله وزيادة قدرته على الفهم، إذ انه يجذب انتباهه ويشوقه إلى التعليم لما يوفره له من جو طليق يندفع فيه إلى العمل من تلقاء نفسه، فنجده يتعلم مفاهيم الحساب (كالعد والوزن والحجم) عن طريق ألعابه المختلفة سهلة الاستعمال سواء أكانت خشبية أم بلاستيكية.. ويعمل اللعب بمختلف أنواعه على تنمية أشكال العواطف لدى الطفل وعلى ضبط انفعالاته والوصول بها إلى مستوى النضج.. ويعد اللعب بالنسبة للطفل أفضل وسيلة للتعبير عما يشعر به، لذا فلا غرابة إن وجدناه أحياناً يرمي لعبة أو يصرخ بأعلى صوته معبراً عما يجول في نفسه من غضب أو يعطي لعبة إلى غيره من الأطفال معبراً لهم عن الحب الذي يكنه لهم.. وفي حقيقة الأمر فإن كل لعب يقوم به الطفل لتنمية جسمه وعقله هو في الوقت نفسه عامل نمو لعواطفه وتطور انفعالاته.. وهنا تأتي مهمة الكبار من آباء ومدرسين لأن مسؤوليتهم في توجيه الطفل تعد ذات أثر بالغ في العمل على إيجاد التوازن في عواطف هذا الطفل وأحاسيسه، والعمل على تعزيز عاطفة نبيلة يظهرها الطفل من أجل نمائها وزيادتها.
-إن اللعب هو وسيلة لتفريغ الطاقة عند الأطفال، وهو الوسيلة التي يختارها الطفل للتعبير عن ذاته بالعمل دون أي اعتبار للنتائج التي يجنيها، ولا تعد الحقيقة إن قلنا: أن اللعب يمثل مدرسة للطفل لأنه يتعلم بواسطته ما لا يستطع أحد أن يعلمه إياه، فهو يتعلم كيف يتعرف على الأشياء ويتجاوب معها ويتعلم أنماط العلاقات الإنسانية وكيفية الاتصال بالآخرين، ولما كان للعب مثل هذا الأثر الهام في التعلم والتربية، فما أحرانا أن نجعله موضع اهتمامنا ودراستنا وسعينا لتطويره وذلك لأثره الكبير في حياة أطفالنا. منقول