الشرك هو: التوجه بالعبادة لغير الله شجرا كان أو حجرا أو بشرا أو غير ذلك…وإذا كان التوحيد أعظم الطاعات؛ فإن الشرك أعظم الذنوب التي توعد الحق سبحانه صاحبه بالبوار والثبور. وقد وصفه الحق بعدة أوصاف كلها تنتهي إلى الظلم والإثم العظيم والضلال البعيد…منها قوله تعالى
يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم) سورة لقمان: 12، وقال تعالى
ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما) سورة النساء:47، وأكد الحق عدم مغفرته دون باقي الذنوب فقال
إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) سورة النساء: 47، وعن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ؟ قَالَ: «أَنْ تَجْعَلَ للهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَك (متفق عليه) وجاء في الصحيحين: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«مَنْ لَقِيَ الله لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، أَدْخَلَهُ الله الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَقِيَهُ يُشْرِكُ بِهِ أَدْخَلَهُ النَّارَ ». (مسلم)
الشرك الأكبر بالله
هناك شرك أكبر، وشرك أصغر؛ فالأول هو كل شرك أطلقه الشارع وكان متضمنا خروج الإنسان عن دينه، والثاني: هو كل عمل قولي أو فعلي أطلق عليه الشرع وصف الشرك، ولكنه غير مخرج من الملة، والشرك الأكبر هو ما تعلق بالاعتقاد في الأشجار والأحجار والنباتات...: وهو تعلق والتجاء لغير الله لا يقل خطورة عن تبرك المشركين بالأصنام، وقد مر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بسدرة ذات أنواط يعلق عليها المشركون أسلحتهم، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال: سبحان الله إنها السنن، قلتم -والذي نفسي بيده- كما قالت بنو إسرائيل لموسى: «إجعل لنا إلها كما لهم الهة» سورة الأعراف: 138، لتركبن سنن من كان قبلكم(الترمذي) ، ويلحق بها دعوة الأموات والاعتقاد في الأضرحة والأولياء.
بعض صور الشرك بالله
السحر: عمل شيطاني يتوصل إليه بالشرك بالله، وهو من السبع الموبقات، فعن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقاتِ قَالُوا: يا رَسُولَ اللهِ وَما هُنَّ؟ قَالَ: الشِّرْكُ بِاللهِ، وَالسِّحْرُ...(متفق عليه) ويلحق بها الكهانة وغيرها من الآفات كالاستسقاء بالأنواء أو التنجيم أو التطير.
الحلف بغير الله من الأجداد أو الآباء أو حياة إنسان... عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّهُ سَمِعَ رَجُلاً يقُولُ: لاَ وَالكَعْبَةِ، فَقَالَ ابنُ عُمَرَ: لاَ تَحْلِفْ بَغَيْرِ اللهِ، فَإنِّي سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، يقولُ: «مَنْ حَلَفَ بِغَيرِ اللهِ، فقد كَفَرَ أَوْ أشْرَكَ(الترمذي)، وفَسَّرَ بَعْضُ العُلَمَاءِ قولَهُ: «كفَرَ أَوْ أشْرَكَ عَلَى التَّغْلِيظِ، كما روي أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الرِّياءُ شِرْكٌ(ابن ماجة)
فائدة من التوحيد
التوحيد مفزع أعدائه وأوليائه؛ فأما أعداؤه فينجيهم من كرب الدنيا وشدائده: «فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم الى البر إذا هم يشركون»سورة العنكبوت: 65 وأما أولياؤه فينجيهم من كربات الدنيا والآخرة وشدائدها، ولذلك فزع إليه يونس فنجاه الله من تلك الظلمات(...) فما دفعت شدائد الدنيا بمثل التوحيد والإخلاص. والتوحيد شجرة في القلب، فروعها الأعمال، وثمرها طيب الحياة في الدنيا والنعيم المقيم في الآخرة، وكما أن ثمار الدنيا لا مقطوعة ولا ممنوعة فثمرة التوحيد والإخلاص كذلك والشرك والكذب الرياء شجرة في القلب، ثمرها في الدنيا الخوف والهم والغم وضيق الصدر وظلمة القلب وثمارها في الآخرة الزقوم والعذاب المقيم.
صالح النشاط